تغير المناخ 2001: التأثيرات والتكيف وسرعة التأثر

تقاريرخرى في هذه المجموعة

4-3 النظم الإيكولوجية على الأرض وفي المياه العذبة

تخضع النظم الإيكولوجية لضغوط عديدة مثل التغيرات الطارئة في استخدام الأراضي وترسب المغذيات والملوثات، والحصاد ورعي الماشية، وإدخال الأنواع الغريبة وتقلبية المناخ الطبيعية. ويشكل تغير المناخ ضغطاً إضافياً يمكن أن يغير تلك النظم أو يعرضها للخطر. وسيكون للتكيف في مجال إدارة الأراضي والمياه وللتفاعلات مع الضغوط الأخرى مفعولها في ما لتغير المناخ من تأثيرات على هذه النظم. وتكون القدرة التكيفية أكبر بالنسبة إلى الأراضي والمياه المدارة بشكل مكثف وفي مجال إنتاج السلع المعروضة في الأسواق (مثل إنتاج الأخشاب في المزارع الكبرى) منها بالنسبة إلى الأراضي المدارة على ندو أقل كثافة والقيم غير السوقية لتلك الأراضي والمياه. [الفقرتان 5-1, 5-2]

وهناك مجموعات من أنواع كثيرة مهددة بالفعل ويتوقع أن تحدق بها مخاطر أكبر نتيجة للتآزر بين الاجهادات الناجمة عن تغير المناخ مما يجعل أجزاء من الموائل الحالي غير ملائمة وبين التغير على استخدام الأراضي الذي يؤدي إلى تجزئة الموائل.وبدون تكيف فإن بعض الأنواع التي تصنف في الوقت الحاضر في فئة ز الأنواع التي يتهددها خطر بالغس ستنقرض، أما معظم الأنواع المصنفة في فئة ز الأنواع المهددة أو السريعة التأثرس فستصبح أكثر ندرة في القرن الحادي والعشرين (ثقة عالية). وقد يكون لهذا أعظم الأثر على المجتمعات البشرية المتدنية الدخل التي تعتمد على الحياة البرية لتعيش عيشة الكفاف. وعلاوة على ذلك فإن هناك ثقة عالية في أن فقدان الأنواع أو تدني أعدادها سيكون لهما أثر على الخدمات التي تقدمها الحياة البرية من خلال الأدوار التي يضطلع بها داخل النظام الإيكولوجي (مثل التلقيح بغبار الطلع، والمكافحة الطبيعية للآفات) والاستجمام (مثل الصيد والقنص ومشاهدة الحياة البرية، والممارسات الثقافية والدينية للسكان الأصليين). ويمكن أن تشمل طرائق التكيف المحتملة للتقليل من المخاطر المحدقة بالأنواع إقامة الملاجئ والحدائق الكبرى والمحميات ذات الممرات للسماح بهجرة الأنواع وكذلك اللجوء إلى إنسال الحيوانات الحبيسة ونقل مواضعها، غير أن هذين الخيارين قد يكونان محدودين نطرأً لتكلفتهما.[الفقرة 5-4]

وهناك الآن الكثير من الدراسات الرصدية والتجريبية التي تقيم الدليل على الروابط بين التغير الطارئ على المناخ الإقليمي وبين العمليات البيولوجية أو الفيزيائية في النظم الإيكولوجية. ويشمل ذلك زيادة طول فصل نمو النباتات بما يتراوح بين 1.6 يوم إلى 3.6 أيام في العقد الواحد في المناطق ذات خطوط العرض القطبية الشمالية (وذلك عامل يؤدي إلى تغير التركيبة المجتمعية): وارتفاع درجات حرارة البحيرات والأنهار نتيجة لقصر مدة الغطاء الثلجي وتدول الأعشاب الألبية في المراعي إلى أعلى وارتفاع معدل وفيات الأحياء البرية وتقلص مراعيها نتيجة للإجهاد الحراري. ومن التغيرات الأخرى التغيرات الطارئة على أعداد السكان وأحجام الأجسام، وأوقات الهجرة. (انظر الجدول 2-1 الملخص الفني و الفقرة 7-1, الشكل 11- الملخص الفني, و الجدول 16- الملخص الفني للحصول على المزيد من المعلومات). [الفقرة 5-2-1]

وتشير نماذج نوزع النباتات منذ تقرير التقييم الثاني إلى أن من غير المرجح للغاية أن تحدث حركات جماعية في النظم الإيكولوجية أو المنطقة الأحيائية نظراً لتباين طاقة تحمل الأنواع المعنية للمناخ واختلاف القدرات في مجال الهجرة والآثار الناجمة عن الأنواع الغازية. وستتغير تركيبة وغلبة الأنواع مما سيؤدي إلى نشوء أنواع من النظم الإيكولوجية قد تختلف اختلافاً تاماً عن النظم التي نشاهدها اليوم. وستتخلف هذه التغيرات عن التغيرات الطارئة على المناخ بمدة زمنية تتراوح بين سنوات وعقود وقرون (ثقة عالية). ولم تدرج في تلك الدراسات آثار التغيرات على اضطرابات من قبيل الحرائق أو الأشجار التي تقتلعها الظواهر الجوية، أو هجمات الآفات على النباتات. [الفقرة 5-2]

ولا تزال دراسات النمذجة الحديثة تكشف عن احتمالات حدوث تعطل هام في النظم الإيكولوجية نتيجة تغير المناخ (ثقة عالية). وتشير زيادة تطوير النماذج البسيطة المترابطة المتاحة لدى وضع تقرير التقييم الثاني إلى المجالات التي تكون فيها درجة تعطل النظم الإيكولوجية واحتمالات الهجرة منها مرتفعة. وتؤدي البيانات الرصدية والنماذج الدينامية الأحدث الخاصة بالنباتات والمرتبطة بالنماذج المناخية المؤقتة إلى تشذيب الإسقاطات. غير أن الحصائل الدقيقة تتوقف علي عمليات دقيقة بحيث لا يمكن للنماذج الحالية الإحاطة بها تماما. [ الفقرة 5-2]

ومن شأن تزايد تركيز ثاني أكسيد الربون أن يؤدي إلى حدوث زيادة في الإنتاجية الأولية الصافية (نمو النباتات وسقوط الفرش الحرجي وموت النباتات) في معظم النظم في حين قد تكون لارتفاع درجات الحرارة آثار إيجابية أو سلبية (ثقة عالية). وتبين تجارب أجريت على ثلاثة أنواع تمت تربيتها في ظروف كانت نسبة ثاني أكسيد الكربون مرتفعة فيها على مدى عدة سنوات، حدوث حفز مستمر ومتساوق للتمثيل الضوئي ووجود قرائن ضئيلة على فقدان الحساسية في الأمد الطويل لثاني أكسيد الكربون. غير أن التغيرات الطارئة على إنتاجية النظم الإيكولوجية الصافية (التي تشمل نمو النباتات وسقوط الفرش الحرجي وموت النباتات وتحلل الفرش الحرجي وديناميات كربون التربة) وعلى الإنتاجية الصافية للمنطقة الأحيائية (التي تشمل تلك الآثار بالإضافة إلى الآثار المترتبة على الحرائق وغيرها من الاضطرابات) أقل احتمالاً من أن تكون إيجابية ولربما كانت سلبية على وجه العموم. وتؤكد البحوث المبلغ عنها منذ تقرير التقييم الثاني على الرأي القائل باحتمال حدوث أضخم وأول التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ في الغابات الشمالية نتيجة حدوث تغيرات في نظم الاضطرابات المرتبطة باللطقس ودورة المغذيات. [الفقرتان 5-6-1-1, 5-6-3-1]

ويبدو أن النظم الإيكولوجية الأرضية تختزن كميات متزايدة من الكربون. وقد غزي ذلك، عند وضع تقرير التقييم الثاني، إلى حد كبير، إلى تزايد إنتاجية النباتات نظراً للتفاعل بين ارتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجات الحرارة والتغيرات التي تطرأ على رطوبة التربة. وتؤكد النتائج التي خلص إليها في الآونة الأخيرة على حدوث مكاسب من حيث الإنتاجية ولكنها توحي بأنها في ظل الظروف الميدانية أقل مما تشير إليه التجارب المختبرية (ثقة متوسطة). وعليه فإن كمية ثاني أكسيد الكرب ون الأرضي قد تعود إلى التغير الطارئ على استخدامات وإدارة الأراضي أكثر مما تعود إلى الآثار المباشرة المترتبة على ارتفاع ثاني أكسيد الكربون وعلى تغير المناخ. والمدى التي لا تزال فيه النظم الإيكولوجية الأرضية تمثل مصارف صافية للكرب ون يكتنفه عدم اليقين نظراً للتفاعلات المعقدة بين العوامل المذكورة أنفاً (مثال ذلك أن النظم الإيكولوجية البرية والأراضي الرطبة في المنطقة القطبية الشمالية قد تكون بمثابة مصادر ومصارف للكربون في الوقت ذاته) (ثقة متوسطة).

وفي المناطق الجافة أو شبه الجافة (مثل المراعي والغابات الجافة/ الأراضي المشجرة) حيث يرجح أن يؤدي تغير المناخ إلى التقليل من رطوبة التربة المتاحة ومن المتوقع أن تنخفض الإنتاجية وقد تبطل زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون مفعول بعض هذه الخسائر. غير أن الكثير من هذه المناطق متأثر بظاهرتي النينبو/ النينيو الظواهر المناخية المتطرفة الأخرى والاضطرابات مثل الحرائق. ويمكن أن تؤدي التغيرات التي تطرأ على تواتر هذه الظواهر والاضطرابات إلى حدوث فاقد في الإنتاجية وبالتالي إلى احتمال تدهور نوعية الأراضي أو احتمال حدوث فاقد في كمية الكربون المخزون أو إلى انخفاض في معدل امتصاص الكربون (ثقة متوسطة).[الفقرة 5-5]

وستحل الغابات أو المروج محل بعض الأراضي الرطبة، أما الأراضي الرطبة التي تغطي التربة الصقيعية فيرجح أن يدخل عليها خلل نتيجة لذوبان التربة الصقيعية (ثقة عالية). ومن المرجح أن يكون الأثر الصافي الأولي على مخزونات الكربون في النظم الإيكولوجية في المناطق ذات خطوط العرض القطبية سلبيا نتيجة الاحترار لأن التحلل قد يستجيب، مبدئياً، على نحو أسرع من الإنتاج. وفي هذه النظم يرجح أن تكون التغيرات الطارئة على البياض وامتصاص الطاقة أثناء فصل الشتاء بمثابة تغذية مرتدة موجبة في الاحترار الإقليمي نتيجة لذوبان الثلج في مرحلة مبكرة وانتقال حد نمو الأشجار صوب المناطق القطبية على مدى فترة زمنية تتراوح بين عقود وقرون.[الفقرتان 5-8, 5-9]

وتعتمد معظم عمليات الأراضي الرطبة على الهيدرولوجيا على مستوى أحواض تجميع الأمطار وهكذا فإن التكيفات مع تغير المناخ المتوقع قد تكون مستحيلة من الناحية العملية. ومن المرجح أن تكون المجتمعات المحلية التي تعيش في المناطق القطبية الشمالية والمناطق شبه القطبية السبخة التي تعتمد في تغذيتها على مياه المطر على التربة الصقيعية وكذلك الأراضي الرطبة المنخفضة الواقعة أكثر إلى الجنوب والتي لا تملك سوى أحواض صغيرة لتجميع الأمطار، أسرع تأثرا بتغير المناخ. ومن المرجح أن يعرض تزايد سرعة التحويل والصرف في التربة الخثية في جنوب شرق آسيا هذه المناطق إلى المزيد من المخاطر الكبرى من حيث اندلاع الحرائق وأن يؤثر في قدرة الأراضي الرطبة المدارية على البقاء على الحياة.[ الفقرة 5-8]

والفرص السانحة للتكيف مع التغيرات المتوقعة في النظم الإيكولوجية في المناطق ذات خطوط العرض القطبية والمناطق الألبية محدودة لأن هذه النظم ستستجيب لأقصى قدر من القوة للتغيرات المستحثة عالمياً في المناخ. وبإمكان الإدارة الحريصة لموارد الحياة البرية أن تقلل إلى أقصى حد من التأثيرات المناخية الواقعة على السكان الأصليين. وكثير من الأقاليم الواقعة في المناطق ذات خطوط العرض القطبية تعتمد بشدة على مورد واحد أو بضعة موارد مثل الأخشاب وزيت الرنة أو تعتمد على الأجور التي تكسبها من مكافحة الحرائق. ومن شأن التنويع الاقتصادي أن يخفف من وطأة التأثيرات الناجمة عن التغيرات الكبرى التي تطرأ على توافر سلع وخدمات معينة أو على قيمتها الاقتصادية. ويعني ارتفاع مستويات استيطان الكثير من مجموعات النباتات الألبية وعدم قدرتها على الهجرة إلى المناطق الأعلى أن هذه الأنواع سريعة التأثر بشكل كبير.[الفقرة 5-9]

وعلى عكس تقرير التقييم الثاني فإن الدراسات الخاصة بأسواق الأخشاب العالمية، التي تشمل التكيف من خلال إدارة الأراضي والمنتجات، تشير إلى أن من شأن تغير المناخ أن يؤدي إلى زيادة إمدادات الأخشاب العالمية (ثقة متوسطة). وعلى النطاقين الإقليمي والعالمي سيتوقف مدى وطبيعة التكيف، أساساً، على أسعار منتجات الأخشاب والمنتجات غير الخشبية وعلى القيمة النسبية للبدائل، وتكلفة الإدارة وعلى التكنولوجيا المستخدمة. وفي مواقع محددة من شأن التغيرات الطارئة على نمو الغابات وعلى الإنتاجية أن تفرض قيوداً على الخيارات فيما يتعلق باستراتيجيات التكيف (ثقة عالية) وبإمكانها أن تحد منها. وفي الأسواق يكون للأسعار دور في عملية التكيف عن طريق إدارة الأراضي والمنتجات. وسيشمل التكيف في الغابات المدارة استخلاص كميات الأخشاب الميتة والمحتضرة، وإعادة زرع الأنواع الجديدة التي تتلاءم بشكل أفضل مع المناخ الجديد وزرع الأنواع المدورة جينيأ وتكثيف الإدارة أو الإقلال منها. وسيستفيد المستهلكون من انخفاض أسعار الأخشاب، أما المنتجون فقد يكسبون أو يخسرون تبعاً للتغيرات الإقليمية في إنتاجية الأخشاب وتأثيرات الذبول المحتملة. [الفقرة 5-6]

وسيؤدي تغير المناخ إلى انتقال الحدود الجنوبية والشمالية لتوزع الأسماك صوب القطب مع خسارة موئل لأسماك المياه الباردة والمياه المعتلة البرودة ومكاسب في الموائل الخاصة بأسماك المياه الدافئة (ثقة عالية). والمياه الداخلية، بوصفها إحدى فئات النظم الإيكولوجية، سريعة التأثر بالتغير المناخي وبالضغوط الأخرى نظرا لصغر حجمها ولوجودها في مصب الكثير من الأنشطة البشرية (ثقة عالية). وتشمل العناصر الأسرع تأثراً انخفاض وفقدان جليد البحيرات والأنهار (ثقة عالية للغاية) وخسارة موئل لأسماك المياه الباردة (ثقة عالية للغاية) وارتفاع معدلات انقراض بعض الأنواع ومعدلات غزو الأنواع الغريبة (ثقة عالية)، والتفاقم المحتمل لمشاكل التلوث القائمة مثل إغناء المياه بالمغذيات والمواد السمية والمطر الحمضي والأشعة فوق البنفسجية باء (ثقة متوسطة). [الفقرة 5-7]



تقارير أخرى في هذه المجموعة