تغير المناخ 2001: الأساس العلمي

تقارير أخرى في هذه المجموعة

جيم 3- التغييرات المرصودة والنموذجية في الهباء الجوي

من المعروف أن الهباء (وهو جسيمات وقطيرات صغيرة للغاية يحملها الهواء) تؤثر بصورة كبيرة في الموازنة الإشعاعية للغلاف الجوي والأرض. وتحدث التأثيرات الإشعاعية للهباء بطريقتين مختلفتين: (1) التأثير المباشر حيث يتناثر الهباء ذاته ويمتص الأشعة الشمسية والحرارية تحت الحمراء و (2) التأثير غير المباشر حيث يعدل الهباء من الخصائص الفيزيائية الدقيقة ومن ثم الإشعاعية وكمية السحب. وينتج الهباء عن مجموعة من العمليات الطبيعية (بما في ذلك العواصف الترابية والنشاط البركاني، وبشرية المنشأ (حرق الوقود الأحفوري والكتلة الأحيائية). ويعتقد أن تركيزات هباء التروبوسفير في الغلاف الجوي قد زادت خلال السنوات الأخيرة نتيجة لزيادة انبعاثات الجسيمات بشرية المنشأ والغازات السابقة لها مما يؤدي إلى زيادة التأثير الاشعاعي. ويوجد الجانب الأكبر من الهباء في طبقة التروبوسفير السفلي (تحت كيلومترات قليلة) إلا أن التأثيرات الإشعاعية لكثير من أنواع الهباء حساسة للتوزيع الرأسي. ويتعرض الهباء لتغيرات كيماوية وفيزيائية أثناء وجوده في الغلاف الجوي وخاصة داخل السحب ويزال بدرجة كبيرة وبسرعة نسبية من خلال التهطال (عادة في غضون أسبوع). ونظرا لفترة البقاء القصيرة هذه، وعدم تجانس مصادره، فإن توزيع الهباء غير متجانس في التروبوسفير مع وجود أقصى كمياته بالقرب من المصادر. وتتوقف التأثيرات الإشعاعية الناجمة عن الهباء لا على هذه التوزيعات المكانية فحسب، بل وكذلك على حجم وشكل الجسيمات ومختلف جوانب (مثل تكوينات السحب) الدورة الهيدرولوجية وتركيباتها الكيماوية. ولذا فإن الحصول على تقديرات دقيقة لهذه التأثيرات كان نتيجة لجميع هذه العوامل وتحديا كبيرا سواء من وجهة النظر الرصدية أو النظرية.

ومع ذلك، تحقق تقدم كبير في تحديد التأثير المباشر لمجموعة أوسع من أنواع الهباء المختلفة بصورة أفضل. وقد تناول تقرير التقييم الثاني التأثيرات المباشرة لثلاثة فقط من أنواع الهباء البشرية المنشأ-هي هباء الكبريت وهباء حرق الكتلة الاحيائية والكربون الأسود (السناج) الناجم عن حرق ال وقود الأحفوري. وقد أثبتت الرصدات الآن أهمية المواد العضوية في كل من هباء كربون الوقود الأحفوري وهباء كربون حرق الكتلة الاحيائية. ومنذ تقرير التقييم الثاني، أدى إدراج تقديرات تركيز هباء الكرب ون العضوي الناجم عن الوقود الأحفوري إلى زيادة مجموع العمق البصري المتوقع (وما ينجم عن ذلك من تأثير سالب) المرتبط بالهباء الاصطناعي. وأتاح التقدم في الرصدات وفي نماذج الهباء والاشعاع وضع تقديرات كمية لهذه العناصر المنفصلة فضلا عن تقديرات نطاق التأثير الاشعاعي المرتبط بالغبار المعدني على النحو المبين في الشكل 9. ويقدرأن التأثير الاشعاعي المباشر يبلغ –0.4 وم-2 للكبريت و-0.2 وم-2 لهباء حرق الكتلة الاحيائية و –0.1 وم-2 للكربون العضوي الناجم عن الوقود الأحفوري و +0.2 وم-2 لهباء الكربون الأسود الناجم عن الوقود الأحفوري. غير أن عدم اليقين سيظل كبيرا نسبيا. وينشأ عدم اليقين هذا عن الصعوبات في تحديد تركيزات هباء الغلاف الجوي وخصائصه الاشعاعية والجزء من الهباء البشري المنشأ وخاصة معرفة مصادر الهباء الكربوني. ويؤدي ذلك إلى ظهور فوارق كبيرة (أي عامل يتراوح بين اثنين وثلاثة) في الأحمال، والفوارق الكبيرة في التوزيع العمودي (عامل من عشرة). كذلك فإن الهباء الغباري البشري المنشأ محدد كميا بطريقة سيئة. وتمكن الرصدات بالتوابع الاصطناعية مقترنة بالحسابات النموذجية من تحديد العلامات المكانية لمجموع التأثيرات الإشعاعية للهباء في السموات الصافية، غير أن الحجم الكمي مازال غير مؤكد.

تقديرات التأثيرات الاشعاعية غير المباشرة للهباء البشري المنشأ مازالت موضع جدل على الرغم من أن الشواهد الرصدية تشير إلى تأثيرات غير مباشرة سالبة مستحثة من الهباء في السحب الدافئة. ويتوافر أسلوبان مختلفان لتقدير التأثيرات غير المباشرة للهباء هما الطرق التجريبية والطرق الميكانيكية. فقد طبقت الطرق الأولى لتقدير تأثيرات الهباء الاصطناعي في حين طبقت الطرق الثانية لتقدير تأثيرات الكبريت والهباء الكربوني الناجم عن الوقود الأحفوري وهباء الكتلة الاحيائية. وعلاوة على ذلك، استخدمت نماذج التأثيرات غير المباشرة لتقدير تأثيرات التغير الأولى في حجم القطيرات والتركيزات (التأثيرات غير المباشرة الأولى) فضلا عن تأثيرات التغييرات اللاحقة في كفاءة التهطال (التأثير الثاني غير المباشر). وتوفر الدراسات الممثلة في الشكل 9 تقديرات متخصصة لنطاق التأثيرات الأولى منها، وأصبح النطاق أوسع الآن بصورة طفيفة مما جاء في تقرير التقييم الثاني، في حين أن الاضطراب الاشعاعي المرتبط بالتأثير غير المباشر الثاني من نفس السمة، ويمكن أن يكون من نفس الحجم مقارنة بالتأثير الأول.

أصبح التأثير الاشعاعي غير المباشر للهباء يفهم الآن على أنه يشمل التأثيرات على الجليد وسحب المرحلة المختلطة إلا أن من غير المعروف حجم أي من هذه التأثيرات غير المباشرة على الرغم من احتمال أن تكون موجبة. ومن غير المحتمل تقدير عدد النقاط الجليدية البشرية المنشأ في الوقت الحاضر. ولا تعرف بعد آليات تكوين الجليد في هذه السحب باستثناء ما يحدث في درجات الحرارة الباردة (دون -45 ° س) حيث يتوقع أن يهيمن التكوين النووي المتجانس.

جيم- 4 التغييرات المرصودة في عوامل التأثير الأخرى ذات المنشأ البشري التغييرات في استخدام الأراضي (البياض)

يبدو أن التغييرات في استخدام الأراضي، حيث تشكل إزالة الغابات العامل الرئيسي، أحدثت تأثيرات إشعاعية سالبة مقدارها –0.2 ± 0.20 وم- 2 (الشكل 8). ويقدر أن أكبر التأثيرات حدثت عند خطوط العرض القطبية. وذلك لأن إزالة الغابات قد تسببت في أن تختفي الغابات المغطاة بالثلوج وذات البياض المنخفض نسبيا. وتحل مكانها المناطق المفتوحة المغطاة بالثلوج ذات البياض الأكثر ارتفاعا. ويستند التقدير الوارد أعلاه إلى عمليات محاكاة حيث استعيض عن الغطاء النباتي السائد قبل العصر الصناعي بأنماط استخدام الأراضي الراهنة. غير أن مستوى فهم هذا التأثير شديد الانخفاض، ولم يجر إلا القليل جدا من التحريات بشأن هذا التأثير بالمقارنة بالتحريات التي أجريت للعوامل الأخرى التي درست في هذا التقرير.


تقارير أخرى في هذه المجموعة